بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 أكتوبر 2012

العلاقات الوطنية


مهما كانت نوعية العلاقة سواً كانت علاقة عاطفية أو تجارية أو حتى العلاقات الاجتماعية فأننا دائما ما نقارنها بالعلاقات المثالية أو أفضل العلاقات أو على الأقل نقارن مدى جماليتها أو صدقها , فكل العشاق والذين يعيشون قصص عاطفية يهتمون  بالقصص والروايات العاطفية والشعر الغزلي , قيس وليلى , روميو وجوليت , أو حتى قصة في احد المسلسلات التركية أو الخليجية , وذالك لمقارنة قصتهم بها أو استلهام المعنى الحقيقي والشعور المفترض

ولكن حين تكون العلاقة  علاقة بين وطن ومواطن فان المقارنة تصعب لاختلاف العوامل والظروف وتعدد أطراف وعناصر العلاقة ولكننا نحتاج هذه المقارنة ونحتاج أن نقيم علاقتنا بأوطاننا لنستلهم المعنى الحقيقي وندرك الشعور المفترض  , لنحدد حقيقة هذه العلاقة
ضع نفسك طرفاً ووطنك طرف , أنظر لعلاقتك بوطنك , هل نحب أوطننا ؟ هل نحن نعيش قصة وطنية  كما عاش قيس وليلى قصة حب؟
لنقارن نحتاج ما نقارن قصتنا به , فلكل قصة ماساتها وكل علاقة تجد ما يشوبها
وهنا احتاج أن أعود لمصطلح "وطن" ومعناه في اللغة :
هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه بها وانتمائه إليها. أو هو بقعة الأرض التي تولد عليها وتستقر فيها جماعة ما، وتكون هذه البقعة بيئة حاضنة دائمة لأفراد الجماعة مستقلين ومجتمعين.
قليل ما تجد شخصا يكره وطنه, قد يكره الكثير منا حكومته أو يغضب منها ولكن الوطن والمجتمع تربطنا به علاقة حب "غير مشروطة" أي لا يمكن أن تكرهه , مثل حبك لوالديك , قد تغضب منه ولكن لا تستطيع أن تكرهه , قد تكون تكره أن تراه مجروحا أو أن تراه يعيش مأساة أو حرب ولكن لا تكرهه ولذالك دائما أقول : "هنالك فرق بين نقد الذات ومقت الذات" كذالك فرق بين نقد الحكومة الوطنية أو نقد فئة من المجتمع وبين كرهها
الحكومات العربية وخلال 40-30 عام عملت على تشويه العلاقة بين المواطن والوطن و اختصرت العلاقة بين الحكومة والمواطن وعندما يحصل ما يشوب هذه العلاقة , ترمى اتهامات الخيانة من الطرفين

يطالب البعض منا بالحرية , حرية التعبير و الاعتقاد وغيرها من المطالب والأصل في ذالك هو عدم الخوف أو الحرج من أن أكون حرا في التعبير أو حتى في التنقل , ليس على الشعوب أن تخشى حكومتها , ليس على المواطن أن يخشى وطنه أو يتحرج منه , وان حدث ذالك فشلت العلاقة بين الوطن والمواطن أو بين المواطن والحكومة , يهمل المواطن واجباته الوطنية وتهمل الحكومة حقوق المواطن , تماما كما لو أنها علاقة زوجية أهمل الزوج زوجته فخرب البيت كله بسبب ذالك
يقول رفاعة الطهطاوي: " فصفة الوطنية لا تستدعي فقط أن يطلب الإنسان حقوقه الواجبة له على الوطن، بل يجب عليه أيضا أن يؤدي الحقوق التي للوطن عليه، فإذا لم يوف أحد أبناء الوطن بحقوق وطنه ضاعت حقوقه المدنية التي يستحقها على وطنه "
في هذا الوقت وهذا "الربيع العربي" علينا ان نعيد العلاقة بين المواطن والوطن , علينا أن نؤسس علاقة صحية يقوم فيها كلٌ من المواطن والحكومة بواجباته على الأخر حتى تعود علاقة حب حقيقة , علاقة لا يشوبها حرج أو تقصير أو نقص , هذا ما تدعو له القيم الإنسانية والإسلامية المعتدلة , هذه هي المعادلة الناجحة  التي ستنهض بها الأوطان ,
يقول رفاعة الطهطاوي:  " فحب الأوطان الحقيقي والغيرة عليها متى حلت ببدن الإنسان ظهرت الحمية الوطنية وولعت بمنافع المدينة ، فيحصل لهذا الوطن من التمدن الحقيقي، المعنوي والمادي، كمال الأمنية فيقدح زناد الكد والكدح والنهضة بالحركة والنقلة والإقدام على ركوب الأخطار"

ولتصحيح العلاقة سنحتاج الكثير من الجرأة والصدق والاعتراف بالأخطاء القديمة , سنحتاج أن نعيد النظر إلى التاريخ القريب وإلى الأحداث التي جرت ونغير نظرتنا لها في عقولنا وفي مناهجنا التعليمية , نعيد النظر على أساس قيمنا الإسلامية والإنسانية , فمن قصر أو أخطئ في حق الوطن أو المواطن علية أن يعترف ويمحو خطأه , نعيد النظر واضعين مستقبل الوطن أمامنا وممهدين خطى أبنائنا ,حتى نصنع وطنا صالحا لنا وللأجيال القادمة , حتى لا نحملهم عبئ أخطائنا وخلافاتنا , و إن لم نفعل ذالك فإننا نبقي على الأحقاد و نترك الجروح تنزف ولن تقوم لأوطاننا قائمة بل لن تكون صالحة للأجيال القادمة .

شكرا
أحمد النهدي


0 التعليقات:

إرسال تعليق

أعلم أخي الزائر أن تعليقك على الموضوع يسعدني