بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

هل تتعارض الوطنية مع الاسلام ؟

في عصرنا الحاضر أصبحت المواطنة من أهم المشكلات المثيرة للجدل والبحث، في بلاد المسلمين أو في غيرها، بإيحاءات المفاهيم الغربية، وتعقيد المسائل، وإرباك الموقف الإسلامي دولاً وشعوباً، وكثرة السكان وقلة الموارد.
هذا مع العلم بأن الإسلام هو أول شريعة كبرى دعت إلى الوحدة الإنسانية الشاملة ليعيش الناس في تفاهم ومودة وتعاون وأمن واستقرار، في نصوص كثيرة، منها قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ..﴾ , وقول النبي "أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى"
وأما المواطنة في المفهوم المعاصر أو الدولة الديمقراطية: فهي انتماء الإنسان إلى دولة إقليمية معينة. فهي تتطلب وجود دولة بالمعنى الحديث، ووجود وطن ذي أنشطة وفعالية أو إقليم محدد، وعلاقة اجتماعية بين الفرد والدولة، والتزام بالتعايش السلمي بين أفراد
المجتمع، ومشاركة في الحقوق والواجبات، واحترام نظام الدولة وعلاقته بالحاكم على المستوى الدستوري والقانوني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فيعبر المواطن في الدولة عن رأيه ومصالحة بحرية في مظلة ضمانات مقررة على أسس المواطنة: وهذا يتطلب توافر أساسين للمواطنة، الأول: الحرية وعدم استبداد الحاكم، والثاني: توافر المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرف. ولا يتوافر هذان الأساسان إلا بوجود نظام سياسي لخدمة الديمقراطية التي هي حكم الشعب بالشعب وللشعب، ونظام قانوني لمعرفة حقوق الإنسان المواطن وواجباته، ونظام اجتماعي يعتمد على حب الوطن، ومعرفة حقوق الوطن، والسلوك العملي المعبِّر عن احترام حقوق الوطن على أبنائه، كالدفاع عنه وعن المواطنين وحقوقهم وعن حقوق الدولة.
وهذه الأصول الضرورية للمواطنة تبتعد عن وجود تصادم أو تعارض بين المفهوم الغربي للمواطن والمفهوم الإسلامي له ، فلا يكون هناك إشكالية بين الإسلام باعتباره شريعة ونظاماً أو قانوناً، في ديار الإسلام وغيره، وبين النظام الديمقراطي الغربي , فالمواطنة الحقيقة في الاسلام لا تقبل تشويه مبدأ الوحدة الوطنية، لأن الإسلام يتعايش مع جميع الأديان والمذاهب في مظلة احترام قواعد النظام العام والآداب والعقائد والسلوكيات الخاصة لأتباع كل دين أو مذهب.
إن المواطنة في الإسلام مفهوم سياسي مدني، و مفهوم ديني كمفهوم الأخوة في الإسلام. لذا حققت المواطنة في الإسلام توازناً في المجتمع على الرغم من التنوع العرقي والديني والثقافي، بينما سارت المواطنة في المجتمعات الأخرى نحو الصراع العرقي والديني والثقافي، والغرب في قمة هذه الصراعات، لأنه جعل المواطنة ذات اتجاه عنصري كما عبرت عنه الحربان العالميتان في القرن العشرين , ولا تتعارض المواطنة في الإسلام مع الولاء للأمة الإسلامية ووحدتها، لأن المواطنة مفهوم إنساني لا عنصري في المنظور الإسلامي، وهو يشمل جميع المسلمين.
أما المعادون للفكر الإسلامي من القوميين ودعاة الوطنية الضيقة فقد حوّلوا المواطنة إلى عصبية مصادمة للإسلام، وأثاروا مشكلة الأقليات المسلمة وغير المسلمة في بعض المجتمعات الإسلامية، فعارضوا تطبيق شريعة الإسلام، بذريعة التفريق بين أبناء الوطن الواحد.
والمواطنة في الإسلام تستوعب جميع المواطنين في دياره، دون إهدار حقوق الأقليات غير المسلِمة، أو المسلمة، من غير إثارة للنعرات القومية والمذهبية ونحوها. و تضمن لجميع المواطنين حقوقهم المتمثلة بحقوق الإنسان لقيامها على قاعدة التسامح، فهي تحترم الواقع وليست مجرد شعارات، وهي أداة بناء واستقرار , وأساليب المواطنة الإسلامية هي الدعوة الجادة والحازمة إلى الألفة والوفاق وإشاعة الأمن والوئام انطلاقاً من الآية القرآنية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا.. ﴾
فلا مانع ولا خوف من ظاهرة المواطنة سواء في خارج الدولة الإسلامية لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ..﴾ وآية ﴿شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ وآيـة: ﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ وهذا إقرار بتعدد الأمم ، أم في داخل الدولة الإسلامية ، لعدم التمييز بين المواطنين ، وإذابة الفوارق العنصرية والمذهبية والطبقية والتزام مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ، والنظرة الإنسانية للوحدة الإنسانية ، والدعوة إلى الاندماج الكامل والعدل الشامل، في إطار وحدة الأمة، وضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية والمصالح الكبرى. فلابد من العناية بفكرة المواطنة بالمفهوم الإسلامي، لتجاوز المشكلات والقضاء على الصدامات الثقافية والتعددات الدينية والعرقية ونحوها.
وذالك لا يتم إلا بالحوار الثقافي والحضاري الجادّ والهادف والقائم على احترام الثقافات الأخرى المحلية واحترام رأي الآخرين , و اعتماد قاعدة التسامح في الإسلام، فهو الذي يوفر الأمن والاستقرار، ويمنع كل ألوان التعصب والكراهية والحقد ضد الآخرين , والتزام الحفاظ على مقوّمات السلم والأمن والوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والغلو والإفراط , والدعوة الدائمة إلى احترام أصول العلاقات الدولية السلمية القائمة على حب الخير، والتعايش الودي المشترك
يقول رفاعة الطهطاوي : " فحب الأوطان الحقيقي والغيرة عليها متى حلت ببدن الإنسان ظهرت الحمية الوطنية وولعت بمنافع المدينة ، فيحصل لهذا الوطن من التمدن الحقيقي، المعنوي والمادي، كمال الأمنية فيقدح زناد الكد والكدح والنهضة بالحركة والنقلة " والإقدام على ركوب الأخطار …" وهذا ما تحتاجه المجتمعات خصوصا العربية


شكرا
أحمد النهدي

2 التعليقات:

اول شي احب اشكرك على اختيارك لهذا الموضوع المهم وبعدين بصراحة احب ابدي رأيي في موضوع المواطنة كلمة احب اخص فيها فقط لجميع دول الخليج((الإسلامية )) وكلمة مواطنة معناها في رايي مع احترامي الشديد ((إحتقار الاجنبي)) وانا صراحة بحثت في الأسباب ومنها: سوء الظن بإن القادم للعمل خصوصا من الدول الفقيرة للقمة العيش بإنه قادم لتخريب الدولة او إفسادها مع انه هذا فيه إزدهار للدولة من ناحية العلم والإقتصاد وباقي الأسباب اللي انت ذكرتها ((الغيرة وحب الأوطان )) وشكراً

أشكرك اخوي أحمد زيارتك

إرسال تعليق

أعلم أخي الزائر أن تعليقك على الموضوع يسعدني